متى سيتوقف عرض المرأة كسلعة
]]أصبح موسم الصيف على الأبواب، سوف ينتشر المزيد من صور النساء شبه العاريات في الطرق. يبدو أنه لا توجد حدود لضبط عملية نشر مثل تلك الصور، سوى اعتراض رجال الدين، وإلا فإن كل الكلام عن تحويل المرأة إلى سلعة استهلاكية، لا يمر في مكاتب شركات الإعلان، ولا لدى أصحاب السلع التي يتم الترويج لها.
لا يزال الإغراء هو الفكرة الوحيدة التي تسيطر على الإعلان، ولا تزال المرأة تعامل بصفتها الموضوع الوحيد لذلك الإغراء، فيتم نسف كل المحاولات التي سعت إليها المرأة عبر التاريخ، كي تبتعد قليلا عن أسرها فقط في تلك الصفة، وأن تقول إنها كائن بشري يمتاز بالجمال والنعومة والحنان.
يتم إيجاد علاقة مصطنعة مثلا بين جسد المرأة وجمالها، وبين وقوفها قرب الغسالة الكهربائية، فتظهر تلك الصورة على العكس احتقاراًَ لها، أولاً لدى جعل الغسالة والغسيل من مهامها، وثانياً في تقديم صورة المرأة المتبرجة وهي مشغولة بالأعمال المنزلية، لأنها عندها لن تكون متبرجة ولا مرتدية أجمل أثوابها، وإنما تفكر كيف ستنهي عملها.
ويختصر الإعلان عن ماركة عصير معينة بصورة امرأة ضاحكة، فيبدو كأن العصير حكر عليها، بينما هو لكل الناس، أم أن المرأة هي المكلفة بتقديم العصير للعائلة من دون أحد سواها؟
بعد ذلك، يقتصر الإعلان الخاص بماركة كريمات تجلب الصحة والجمال، بامرأة تظهر عارية وهي ترتدي سروالا داخليا، مع تصوير مؤخرتها بشكل بارز، كأن الصحة لا تعني الرجل ولا الأطفال، أو أن سر الجمال والصحة يكمنان فقط في مؤخرة المرأة.
وفي إعلان خاص بالعطور تتنشق المرأة العطر بطريقة مفعمة بالإيحاءات الجنسية، كأن العطر مادة لا يرغبها جميع الناس، من كل الأجناس والأنواع؟
وفي إعلان خاص بالنظارات الشمسية تجلس المرأة وهي ترتدي «البيكيني»، مع العلم أن جميع الناس يضعون النظارات الشمسية، للوقاية من الشمس، وهي ليست خاصة بالبحر، بل يتم وضعها غالبا لدى السير في الطرق، أو العمل خارج المنازل والمكاتب.
هناك ما يتجاوز تلك الحدود أيضا، فيصبح الهدف من بعض الإعلانات الخاصة بالملابس النسائية غير مفهوم. تظهر امرأة في إحدى صور تلك الإعلانات وهي ترتدي فستانا أبيض اللون من «الدانتيل» ومستلقية على ظهرها، بينما يفترض على الأقل أن تكون واقفة، لإظهار مدى تناسب الفستان مع قوامها، وذلك ما تقوم به المرأة عادة، فهل شاهدتهم امرأة ترتدي فستانا وتستلقي لكي تعرف ما إذا كان يليق بها؟، أم أن الفستان يجب أن يوحي بالعملية الجنسية، مع التذكير أنه للخروج، وليس للسرير.
وفي إعلان آخر لمحل ألبسة ترتدي المرأة ما يشبه المايوه، لكن من قماش الجينز، وتستلقي على ركبتي رجل عار، لا يرتدي سوى شورت، فلا تدل تلك القطعة التي ترتديها على أزياء المحل، وإنما على اسمه فقط المكتوب في أعلى الإعلان، ربما المقصود هو شراء إمراة مستلقية، وليس ثوبا؟
حتى الماركات الخاصة بالأمومة مثل الحليب والحفاظات تصور بطريقة تحمل معاني مغرية، مع سمات حنان خجولة.
في المقابل، لماذا يكون الإعلان عن ماركة جهاز كمبيوتر، حكراً على رجل جالس أمام مكتب، وقربه امرأة تضحك، بينما يمكن أن تكون الصورة ببساطة مغايرة كلياً، المرأة جالسة أمام المكتب، والرجل واقف قربها وهي تعمل على الجهاز، ويضحك لها، لكي يشجعها مثلا.
تدل تلك الأمثلة على أن جعل المرأة موضوع الإعلان الرئيسي،، ناجم عن قصور في الرؤية لدى صانعي الإعلانات ومروجيها، ولا يزال هؤلاء يعتقدون ربما استناداً إلى الدراسات التي تقدم لهم، أن وجود المرأة، هو عامل الجذب للمستهلك، بينما قد يؤدي ذلك إلى نتيجة غير متوقعة، وهناك معايير أخرى عديدة، يمكن إظهارها للتأكيد على وجود الصحة والجمال، كما أن هناك سلعاً لاعلاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بعناصر الإغراء، ناهيك عن أن ما يحصل ليس استباحة فقط لجسد المرأة، وإنما فوضى في تلك الاستباحة. فمن قال إن المرأة أو زوجها أو حبيبها سوف يشتري لها ثوبا من ذاك المحل، إذا شاهد أو شاهدت في الإعلان امرأة مستلقية؟
[/size][/size]