فاروق السامعي
عدد المساهمات : 174 تاريخ التسجيل : 14/08/2010
| موضوع: صنعاء مقامات الدهشة أحمد ضيف الله العواضي 13/09/13, 04:30 pm | |
| صنعاء مقامات الدهشة -1- من أين لي لُغة بلَون الماء كي أتجاوَزَ المعنى، وأدخل في تفاصيل المفاجأة الأخيرة. في مساء سكينة الدنيا أرىَ غَسَقاَ تدلّى أم ضفائَرها الكثيفة. حُمرة "الياجور" أم شفَة المدينة. نَكهة الليمون في التسبيحة الأولي بداية نمنمات الصبح في الأسواق. أصواتَ الملائكة، العصافير، النساءِ. حفيفَ أشجار من التوت المُخبأ في حواريها. ملامحَ "خربشات الجصّ" بينَ فضائها والأرض أوتارَ التّهيُّو للغناء. وقارَ إيماء الظهيرة. غيم منتصف السماء. نشيدَ أزْمنَةِ تفرُّ إلى معادنها الخبيئة.
-2- أينَما يَممتَ تدخلُ في مدارات التجلّي. من خطوط العشق والتأويل يخرجُ (ن) "سمسرة النحاسِ" مَدَىًّ من الأحلام، حورية من الأحجار والعتبات والخشب المقفى. "غرفة القلّيسِ" شامةُ خدها المصقولِ أم عتبُ السماء. حوافر الأقدار هيئاتُ الرّجالِ. مكلمَ الأسفار نوحُ - يا نبيَّ الله - أين نهايةُ الطوفان؟ هل رَسَت السفينةُ بين قوس النون والكف الموشّى للمدينة؟ من هنا ابتدأت تفاصيلُ الخليقة. ألفُ نافذةٍ على الدنيا. وبابٌ قُدَّ من ذهَبِ القصيدةْ.
-3- من رأى هذا المُخبأَ من حَنَان الأرض في حَجَرٍ على مبنى؟ لمجد الله يابُنيانها المرصوص، يا هذا الفضاءُ من التألق. مَنْ سِوى "الياجور" يختصرُ الطفولةَ "كعكة" الأحلام فاتحةَ الطلاسم والذهول. نقاوةَ المعنى. ظلالَ الوقت فوق عقارب الرؤيا. جَنُودٌ لاتُرى. مددُ المشيئة. جَفَ حبرُ القلب. أصْعَدْ في "مفارجها" وأقواس البناء. سماؤها الدنيا أنَا. مددُ المشيئة قلتُ: يا اللَهُ كيف تصدُّني شُهُبُ الحروف عن التصعُّد كي أرى ما لايُرى؟ وأحدثَ "الياجورَ" في خلَواته في الليلة العشرين. يَا مَدَدَ المشيئة مُدّني بمدىً أُدَوّرُ فيه أشجانَ القصيدة. مُدّني بخرافة الأوزان. الحقني بقافلة الخليل. هَوَى من الأجراس يأخذني. أنا المتقلّب الأحوال جئتُ على هوايَ وغبتُ ما بين القصيدة والمدينة. أجملُ الأسماء "سَمْسرةُ النحاس" وأجملُ الفتيات واجهةُ المدينة.
-4- مَرُّ غيمُ الموت. أسرابُ الجراد. حجارةُ السّجيّل. بارود الحروب. ومرَّ جُوعُ الأرض. لم تَمُتِ المدينة. رتلتْ صلواتها جهراً. تبسّمَ وجههُا المعجونُ بالتقوى. أعْتَلَت عرشَ المحبة والدعاء. عصية التفسير. شرشفُهَا فضاءُ الله. تأخذُ في التدرُّج من مقام الدهشة الأولى إلى الإشراق في آياته. وتَهم بالنجوى: حديثِ الروح في أسفاره الكبرى. حصى التسبيح. أسماء المدينة لا تعد. كأن قامتَها -المدى المنقوش- تَسلب كل موهبةٍ مداها في التخيل والكلامِ.
-5- النّاسُ من حمأٍ فهيئ ماتيسر من صفاء النفس، ثم أدِرْ بصيرتَك البسيطةَ مرّتين. ترى المدينة تحت عرش الله ساجدة تضيءُ فتلهم الأشياء أسرارَ التقرب والنقاء. حديثها الرؤيا بقايا الوحي. أسرار التفرد في البناء. غموضُ أحجار تقود إلى مقام الوجد: ما بين التهيب والرّجاء. صفاتها في الماءِ. ألقِ بالمدينة -في بلاد الله- ظِل عَصَاك تلقَف ما عداها من هَباء.
-6- حَدَقُ العيونِ. ترابُها المكنونُ جوهرةُ الفناء. أحبتي سَاهونَ عن ذكر المدينة. قلتُ ياقوتُ الهوى يَبْلى وياقوتُ المدينة لايهونَ. "عكاوة" مِنْ ألف عام. من يلامُسها يُلامسُهُ الجنونُ تدرُّجاً في العشق. كيف تبعثرتْ أسماؤنا في الريح؟ كيف سنجمع الأسماءَ؟ مَنْ سيحدُّ من طول الشجون وقسوة الحُمى وإغماء الفصول على الذهول؟ مَن الذي سيُزخرفُ الأسماءَ؟ وزّعتْ الخلودَ على اليمانيين في أسفارهم. زمنٌ لنا ولكِ المدى أزمانُ. سَابقةٌ على ريش الطيور. محبةٌ لله. نخلٌ في ضفاف الملك. فلْكُ الله من أحجارها الأسرارُ تبحر بين أحداق العيون. -7- قلتُ أنا أحب البحر ملَّتني اللغاتُ ولامَت الأشياءُ ذاكرتي وهَدَّدني فضاءُ الله بالطاعون. كيف تُحبُّ ماءً أزرقاً في خُزنه المسجون. إنّ يديكَ لامست المدينة. داعبتْ خصلاتها. ناجيتها. ستَجيئك الحُمّى إذا فارقتها. وتموتُ لو بَكت المدينةُ، أو أشاحَتْ وجْهَهَا شرقاً. يُحاصرني صباحي عَاتباً متجهّماً. فأقولُ: يا اللهُ إني عاشقٌ متفرد أحببت أن أتذوّقَ الأسماءَ. ماغيرَ المدينة مالحٌ. سأقولُ: ناولني بساطَ الحُلم سوف أمده وأنامُ. أقدامُ المدينة تشبهُ الأزهارَ. ناولني بساط الحلم: خاصِرةُ المدينة كالبُراقِ.
أحمد ضيف الله العواضي | |
|