فاروق السامعي
عدد المساهمات : 174 تاريخ التسجيل : 14/08/2010
| موضوع: < محمد غالب أحمد.. علم مساءً بأمر اعتقاله وكتب وصيته، وفي الصباح اشترى مطالب أسرته وانتظر المكلفين باعتقاله أمام منزله حتى الظهيرة اليمن تتصدر دول المنطقة في ملفات الثأر والاعتقال السياسي حينما تصبح السياسة فن القتل الممكن 03/01/11, 04:26 pm | |
| < محمد غالب أحمد.. علم مساءً بأمر اعتقاله وكتب وصيته، وفي الصباح اشترى مطالب أسرته وانتظر المكلفين باعتقاله أمام منزله حتى الظهيرة اليمن تتصدر دول المنطقة في ملفات الثأر والاعتقال السياسي حينما تصبح السياسة فن القتل الممكن | الإثنين , 3 يناير 2011 م
|
| > خاص - فاروق السامعي
هل يسدل الستار على مسلسل العنف والاغتيالات والاعتقالات السياسية في اليمن مع إسدال العالم لأحداث العقد الأول من الألفية الثالثة؟ هي مجرد أمنية وحلم يدرك اليمنيون عدم إمكانية تحققه خاصة أن بلادهم تتصدر قائمة دول المنطقة في الملفات المماثلة لها في المنطقة، وأن مثل تلك الأمنية لن تتعدى عن كونها تمتمات مصلوبة على جدار متآكل. فمثلاً يصعب على الرئيس اليمني نسيان مشهد مواطنيه وهم يتجمهرون لاستقباله في 26/1/1990م أمام البيت الأبيض، رافعين في وجهه صفحات سوداء بقائمة مطولة من ضحايا أجهزته الأمنية التي قامت بتصفيتهم واغتيالهم تحت رسم تهم سياسية أو بدونها حتى نهاية 1989م. مع إعلان الوحدة اليمنية صبيحة الـ 22/5/1990م دون إغلاق ملفات الثارات السياسية لدى كل طرف على حدة أصبح للوليد الجديد ملف مزدوج ومفتوح على مصراعيه وقابل للانفجار بمجرد تفكير كل طرف من أطرافه بسحب فتيله واستخدامه ضد الآخر. يجمع الكل على أن السلطة أصبحت حزمة من الخيارات الناسفة التي لا تعترف بالآخر بل وتجعل من السياسيين مجرد قطع شطرنج من الخيارات الناسفة التي لا تعترف بالآخر بل وتجعل من السياسيين مجرد قطع شطرنج يمكن مواصلة اللعب بها وتحريكها طالما هي قادرة على تحقيق نتائج أفضل أو التضحية بها دون تفكير باعتبارات أخرى إذا كان ذلك سيؤدي إلى إطالة زمن البقاء والاستمرار في اللعبة حتى النهاية. وجه قبيح للمعادلات السياسية المتصارعة على السلطة، تبرز فيه الملامح الحقيقية للصراع السياسي السلطوي، وتعلن عن تعريفها الخطي والحقيقي كونها فن القتل الممكن والمهنة الوحيدة التي لا تعرف ميثاقاً ولا يحدها شرف... وليذهب إلى الجحيم كل رفاق الدرب والنضال والمصير المشترك. كل المساحيق والأصباغ التي حاول بها الشطران تجميل شكل أنظمتهما الشطرية لن تستطيع طمس معالم تلك التركة الثقيلة من الثارات والعنف والقتل والقتل الآخر، رغم أن ملفات تلك المرحلة الشائكة مازال البوح بها ومحاولة كشف أسرارها خيانة عظمى، وقد تلحق من يجري المقاربة منها بالانضمام إلى سجلاتها المفتوحة. فقط وحده الحزب الاشتراكي اليمني أدرك أكثر من غيره مرارة تلك الملفات المفتوحة والمكلفة جداً كلما تذكر الحصار الذي تعرض له إبان المرحلة الانتقالية والأزمة السياسية التي سبقت حرب صيف 1994م وكلفته أكثر من 159 شخصية من قيادات أعضائه، رغم فشل عشرات المحاولات الأخرى في زيادة غلة الحصاد تلك. لعبة الموت المفاجئ والقاتل المجهول والحوادث العارضة أصبحت هي اللغة الحية التي يتعامل بها السياسيون مع خصمهم ويتركون لهم بعد كل عملية ناجحة خطاب إدانة، ووعود بملاحقة الفاعلين أو حتى في أقلها تفاعلاً تعزية خبيثة القلب وحزينة القالب من الصعب أن تجد طرفاً سياسياً يعلن مسئوليته الكاملة في ارتكاب اغتيال ما أو حتى المشاركة فيه. الاغتيالات السياسية طالت معظم زعماء الشطرين، ولم يثبت حتى اليوم قرار اتهام يدين طرفاً أو أشخاصاً في فعل ذلك، ودائماً يتدخل المجهول في إنقاذ الموقف. لا أحد هنا يستطيع الجزم بوجود تحقيقات حقيقية حول جريمة قتل يكون طرفها سياسياً، ومن غير الممكن توجيه التهمة لأحد إلا إذا كان المستخدم في القتل انتهت مهمته، وأصبح مجرد خردة منتهية الصلاحية، ويجب التخلص منه. تاريخ يمني حافل بالانقلابات والثارات السياسية ومؤطر بأكثر من 50 مليون قطعة سلاح وثقافة عامة تلعب دوراً مهماً في تغذية الصراعات ومفاقمة العنف. هل من الممكن الحديث الآن عن التداول السلمي للسلطة والذي ظل مجرد شعار مفرغ، طالما وجد هناك باباً خلفياً يسمح بتصفير العداد والعودة به إلى «زيرو». تطور الصراع السياسي في اليمن بعد إعلان الوحدة، فبعد أن كان مجرد صراع أجنحة وتيارات يغلب عليها الطابع القبلي والمناطقي في إطار القالب السياسي الواحد تحول إلى صراع أطياف سياسية مع الاحتفاظ بطابع الصراع الشطري، ولكن في وجود قالب تعددي. لا تنكر الأطياف السياسية في اليمن أن الاغتيالات البيئية وصناعة الأزمات لدى الآخر كانت هي شعار التوازن السياسي المفخخ، بينما يتراجع مثل هكذا شعار إذا انحازت القوة والسطوة والسلطة لطرف دون الآخر ليترك ذلك الفراغ الشاغر لصالح الاعتقالات العلنية أو التغييب والاختطاف القسري. شكل الـ 28 من ديسمبر 2002 تحدياً كبيراً للقوى السياسية في اليمن عندما تم اغتيال الأستاذ جار الله عمر الرجل الثاني في الحزب الاشتراكي اليمني والمهندس الأول لما يعرف بأحزاب اللقاء المشترك في مؤتمر عام لشريك حزبه الرئيسي، في محاولة لتقسيم ذلك الكيان وضرب العلاقة البينية بين مكوناته. شهد الأول من الألفية الثالثة جملة من الاعتقالات التي طالت سياسيين وصحافيين وناشطين حقوقيين ومجموعة كبيرة من قادة الحراك السلمي الجنوبي. ومثلما تم اعتقال المقالح والخيواني ومفتاح والقرني دون أية مسوغات قانونية وتهم تدينهم، كان آخر المعتقلين السياسيين محمد غالب أحمد – مسئول دائرة العلاقات الخارجية – والذي تم الإفراج عنه لاحقاً، قد علم عن أمر اعتقاله قبل أن يتم ذلك بواسطة الموقع الإلكتروني للحزب الحاكم، حينها قرر كتابة وصيته والذهاب صباحاً للبقالة المجاورة له لشراء احتياجات أسرته وانتظار زواره قريباً من باب منزله حتى وصلوا إليه قرب الظهيرة. وسننتظر نحن نتائج الملفات المتراكمة للثارات السياسية وربما تنتظروا زواراً آخرين. |
| |
|