حان الوقت كي تكسر المرأة احتكار رجال الدين للفتوى
من: Fadoua Massat
احتكر علماء الإسلام على مدى قرون طويلة مهنة الإفتاء وخصوصا في القضايا التي تمس المرأة على الرغم من عدم درايتهم الكافية، أحيانا بموضوع الفتوى أو آثارها النفسية والمادية على المرأة. ولعل الفتاوى الغريبة التي صدرت عن علماء دين يدّعون القدرة على الإفتاء في السنوات الأخيرة خير دليل على ذلك. فمن فتوى إرضاع الكبير إلى وقوع الطلاق بين الزوجين في حال انكشافهما الحميمي على بعض، إلى فتوى جواز الطلاق عبر الإنترنت أو الرسائل المكتوبة على الهاتف الجوال، وأخرى غيرها كثير.
كل هذه الفتاوى تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأنه قد حان الوقت كي تأخذ المرأة زمام أمورها الدينية أوتشارك على الأقل في عملية إصدار الفتاوى حتى لا تعطي مجالا لبعض رجال الدين لإصدار فتاوى تكون لها تداعيات خطيرة على حياة المرأة بصفة خاصة وعلى حياة أسرتها بشكل عام.
ولنا في تجربة كل من المغرب ومصر مثالان جيدان على هذا الأمر. فالمفتية المصرية السيدة سعاد صالح التي اقتحمت مجال الإفتاء في مصر وكسرت احتكار الرجال لهذه المهنة تعد مثالا جميلا لقدرة المرأة على تفهم مشاكل المرأة وامتلاك المعرفة النفسية لتفسير مشاكلها وإعطائها الحلول التي تحتاجها دون الوقوع في المغالاة أو المبالغة.
كما أن تجربة المملكة المغربية في تدريب سيدات عالمات من أجل إلقاء الخطب الدينية في مساجد النساء والاستماع لهمومهن ومحاولة إيجاد حلول تتماشى وبيئتهن تعد تجربة رائدة في العالم الإسلامي أجمع. إذ لا يعقل أن يحتكر رجال الدين في المملكة العربية السعودية مثلا مهمة إصدار الفتاوى التي يجب أن تطبق في سائر الدول الإسلامية لأن تقاليد سكان المملكة تختلف عن نظيرتها في تونس مثلا أو لبنان. وكمثال على ذلك، يعتقد علماء الدين في السعودية بأن النقاب واجب ديني يخصصون من أجل فرضه رجال الأمر بالمعروف الذين يجوبون الشوارع من أجل التأكد من تغطية النساء لكامل أجسادهن وشعورهن وحتى وجوههن، لكن عددا كبيرا من الدول الإسلامية يعتبر النقاب عادة وليس واجبا دينيا كما أعلن ذلك علماء الأزهر في مصر.
كما أن الإختلافات البيولوجية والنفسية بين الرجل والمرأة تجعل من مهمة الإفتاء شيئا خاصا وحميما للغاية، إذ كيف يعقل أن يتخصص بعض رجال الدين في فتاوى دم الحيض والنفاس والعادة السرية لدى المرأة دون أن يكونوا على دراية تامة بالجوانب النفسية التي تحيط بمثل هذه المواضيع، خصوصا وأن أغلب شيوخ الإفتاء يدرسون العلوم الشرعية فقط ولا تكون لديهم دراية بعلم النفس والطب وعلوم الاجتماع والاقتصاد وعدد آخر من العلوم التي يجب الاطلاع عليها قبل إصدار فتاوى تحدد مستقبل علاقة المرأة بزوجها وبمحيطها بل وحتى بجسدها وكينونتها.