فاروق السامعي
عدد المساهمات : 174 تاريخ التسجيل : 14/08/2010
| موضوع: هل تستطيع الثورة البيضاء ترحيل الحاكم الأحمر..؟ 12/03/11, 03:03 pm | |
| الرئيس أمام خذلانات متكررة ونيران صديقة وحزب يكاد ينفض مولده يزعم أنها ليست أكثر من مجرد حرب إعلامية !!
هل تستطيع الثورة البيضاء ترحيل الحاكم الأحمر..؟
الخميس , 10 مارس 2011 م
فاروق السامعي • بوجهٍ مكتئب ومهموم غادرت محياه الابتسامة وعادت إلى ملامحه تجاعيد كان قد تمكن من ردم أغوارها خلال (33 عاماً) مضت، لتعود إليه تدريجياً منذ مساء الحادي عشر من فبراير الماضي، وتحديداً عشية تنحي الرئيس المصري مبارك عن الحكم بعد ثورة شعبية لم يصمد في وجهها سوى (18يوماً) فقط تبدو آثارها جليةً على صورة الرئيس «صالح». • لقد أجهدته الثورة الشعبية وهزته وأربكت نظامه تماماً لنشاهده على هذه الحالة المضطربة وكأنه حمل «مفجوع» أمام سكين جزار رغم سلمية الثورة وبياضها وفائض العنف الممارس ضدها من قبل أجهزة الحاكم الأمنية وبلاطجة نظامه. • تعدت الثورة يومها العشرين دون أن يصيبها ملل كان يراهن عليه النظام بل توسعت وعمت اليمن ولم تعد شبابية كما كانت بدايتها بعد انخراط كل شرائح المجتمع ونقاباته ومنظماته المدنية وقواه السياسية الفاعلة فيها، وأصبح الرئيس بمن تبقى له من رموز نظامه وبلاطجتهم يقفون أمام إرادة شعب مطلبه الوحيد أن تصل ثورته البيضاء لهدفها في ترحيل الحاكم الأحمر. • في البدء استهان الرئيس كثيراً بالثورة الشبابية، وقامر أكثر وهو يشاهد الملايين من أبناء شعبه تنضم لهم وتطلب منه الرحيل حقناً للدماء، لكنه أصر أنهم مجموعة أنفار مقلدين لما شاهدوه في تونس ومصر، ثم وصفهم بمعية المعارضة بعد انضمام أحزاب اللقاء المشترك لهم وقبلها الحوثيين والحراك الجنوبي بأنهم مجرد منفذين لأجندة خارجية تدار من غرفة داخل تل أبيب وبرعاية من بعض وسائل الإعلام المضللة. • قبلها وتحديداً طيلة أكثر من ثلاثة عقود تعود خلالها الرئيس على إجراء تبادل سلمي للسلطة وانتقال سلس لها لكن مع ذاته، ورغم شكواه الدائمة من أعبائها وكونها مغرماً لا مغنم وإعلانه عن نيته عدم ترشيح نفسه مجدداً لها منذ عام 1983م، لكنه يعدل عن نيته وقراره ويعود حاكماً مكرهاً تحت ضغط الجماهير ونزولاً عند رغبتها وإرادتها التي لا غالب لها. • وهاهي رغبة الجماهير وإرادتها تعلن عن نفسها وتقول له «يكفي» لكنه قال هذه المرة إنه سيقاتل حتى آخر قطرة من دمه حفاظاً على الجمهورية اليمنية. • وعلى عكس زعمه كان مطلب الرحيل وسقوط النظام سبباً في استعادة الوحدة الوطنية المفقودة منذ حرب صيف 1994م،وإعادة التلاحم بين مختلف القوى السياسية الفاعلة والتي انصهرت وانضمت تباعاً لثورة الشباب وتحت راية مطلبهم الوحيد ابتداءً من الحراك الجنوبي ثم الحوثيين وحزب الرابطة وأخيرا أحزاب اللقاء المشترك. • وكان للعنف المفرط والبلاطجة المأجورين الذين استخدمهم النظام في مواجهة الاحتجاجات والاعتصامات السلمية دور في تفكيك عصبة الحاكم وحزبه ليجد نفسه بعدها أمام آلاف الاستقالات تنهال عليه دون رحمة وتعلن انضمامها للثورة أو وقوفها معها. • ويوماً بعد آخر ينفرط عقد النظام وتتقلص مساحة مؤيدي بقاء الحاكم، مما دفع بالرئيس القيام ببعض الجولات المكوكية للقبائل القربية من عاصمة حكمه والخروج ببعض التطمينات التي أكدت له وقوفهم معه في مواجهة العاصفة القادمة رغم أن تلك التطمينات كانت باهظة الكلفة عليه وعلى ميزانية الدولة. • ولم يكد يستقر على كرسيه بعد كل تلك الجولات إلا وعادت مخاوفه مجدداً بعد سماع نيران صديقة قريبة من عرشه وتوالي الخيانات المشيخية له قبل أن يجف حبر المعاهدات السرية المبرمة معها، لنجده بعدها يصف الناكثين وعودهم بـ (أصحاب الشريحتين). • على حين أن الشريحة الأولى كانت تربطه بهم، ذهبت الأخرى لفضح تلك الروابط لدى أقرب الوجاهات القبلية التي تنازعه السيطرة على ولاء القبائل له ومنه، لنشاهد بعدها الشيخ حسين الأحمر يقدم استقالته من الحزب الحاكم ويحشد أكثر من مائتي ألف من الموالين له في عمران للمطالبة برحيل صالح وسقوط النظام. • وبعيداً عما قيل عن كشف مخططات تصفية لقيادات معارضة بينها حميد الأحمر كسبب لفعل «حسين» وانقلابه على النظام، فإن جملة من العوامل الأخرى قد تكون سبباً أيضاً لمثل هذا الانقسام في صفوف القبائل والتنازع على ولائها بين الطرفين. • منذ 17/7/1978 لعبت القبيلة إلى جانب قوى الجيش والأمن دوراً مهماً في بقاء «صالح» أكثر من ثلاثة عقود، لكنه الآن يجد نفسه وقد فقد جزءاً كبيراً من سلطته على القبائل وهو ما ينسحب أيضاً على قوى الجيش والأمن التي تنتمي قياداتها لنفس تلك القبائل التي كانت تواليه وتعتبره بمثابة صمام أمان له في الحفاظ على كرسي الحكم. • فرمانات جمهورية متعاقبة ومتسارعة حاول بها الرئيس اللحاق بموج الثورة المندفع بغية السيطرة عليها وتحجيمها واحتوائها قبل أن تداهمه وتجرفه بعيداً عن سلطته وعرشه ووطنه، وظهر جلياً أن ما يواجهه الآن ليس مجرد عاصفة جانحة كان قد تعوَّد على أمثالها كثيراً وخرج من جميعها أكثر قوة وسيطرة، بل هو إعصار حقيقي لا يعترف بالتحالفات والصفقات السياسية وجلسات الحوار في الغرف المغلقة. • لم تجديه فكرة التمسك بقشة أحزاب اللقاء المشترك للنجاة من الغرق والخروج بمساعدتها إلى بر يسمح له على الأقل إكمال ثلاثة عقود ونصف ثم يكون لكل مقام مقال، بعد أن وجد قياداتها معزولة ولا تملك إلا قراراً واحداً قد يبقيها على قيد الحياة وهو الانضمام للثورة ولأعضائها الذين تركوها مسبقاً وانضموا للساحات الثائرة. • «فات الأوان.. وتأخرت كثيراً» هكذا ردت عليه أحزاب المعارضة عندما طرح عليها مبادرة قد تسعفه ونظامه في الخروج من نفق الأزمة، وعلى رغم أن تلك المبادرة كانت حتى وقت قريب فوق سقف المطالب التي قدمتها تلك الأحزاب وليس كما قدم لها من تقاسم حكومة وحدة وطنية ولجنة تعديل الدستور، وربما (فات الأوان) لم تكن رداً موجهاً للرئيس فقط بل ولنفس أحزاب المعارضة بعد أن أصبحت الثورة قوة حقيقية وجارفة سبقت كليهما (سلطة ومعارضة) ولم يعد من العقل الوقوف في وجهها. • إذاً.. سقط خيار أحزاب المعارضة الذي كان بمثابة غطاء شرعي له أمام العالم وفزاعة داخلية يستخدمها في ضرب بعض القوى الفاعلة على الأرض تحت زعم متمردة ولا تنتمي لسلطة أو لمعارضة ولا يمكن التحاور معها إلا بالنار. • ونظراً لطبيعة المجتمع المحافظة فكر بالعلماء واجتمع بهم وطلب منهم وضع حد لهذه التداعيات، لكنهم خذلوه أيضاً وأعلنوا وقوفهم مع الشارع واعتبروا الاعتصامات نوعاً من أنواع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورباطاً في سبيل الله ضد حاكم تسقط ولايته وطاعته بمجرد قتل المسلمين الذين خرجوا للتعبير عن آرائهم بصدور مكشوفة. • بعدها فتحت أقنية الإعلام الرسمية والحزبية للحاكم النار على الشيخ الزنداني خاصة بعد انضمامه للثوار، بينما وجه «صالح» اتهامه نحو أربع جهات هي الإعلام وأجندات الخارج والرئيس الأمريكي «أوباما» وإسرائيل وزعم أن ما يحدث ليس أكثر من مجرد حرب إعلامية قبل أن يعاود الظهور في اليوم التالي لتقديم اعتذاره للرئيس الأمريكي ودولته . | |
|