في عقد الزيتون لا سلام يطير...
قد ترسم حياتنا اليومية اجندات بعيدة المدى , وتكتب لكل اجندة خطة تسوق بنا إلى بر الوصول , و أمّس ما نفتقده في حياتنا اليومية هو رسم التكتيك اليومي للهدف المشار إليه في يوم ما , وليس في عام ما , او عشرة أعوام قادمة , التراكم في الهدف هو مطلوب , ولكن تحديد الهدف الآني أصبح حاجة قصوى لكل فلسطيني , ما نريده يجب أن تعنى به أذهاننا , ومن ثم أفعالنا ما بالي انا وما بالك انت في خطوط عريضة نعتقد بوجودها , هي تجوهر عقولنا , ولكن دعونا ننظر للحياة كملعب واحد , وكل منا يأخذ دوره في هذا الملعب , لا يلغي فعلك فعل لاعب آخر , قد يأخرك أو تأخره إن لم تلعبا بالشكل المتناغم و السليم , وقد يخطئ أحدكما , ويساعد إحداكما الآخر في التوقيت المناسب .. لا علينا من ترادفات عدة تسقط معنى حقيقي في ردود أفعالنا , دعونا من الاتكال على فعل من هو خارج كل منا , ولنكن مرآة لفعل كل ما هو داخلنا , التعاضد الشعبي لا يبنى بشعارات عريضة , و لا بمشاريع تدربنا على الحس الشعبوي , الابتعاد عن الفئوية المنتشرة في ثقافتنا الجديدة القديمة على اختلاف حالاتها , لا تنتهي إلا إن اعترفنا بوجودها , وتدارسنا أسبابها , و بؤر ارتكازها , وفيما تتعمق , وإلى ما تلوذ في ضعفها , وعلى من تستند حين تقترب من الاختفاء .
لا حياء في الدين , ولا حياء في العلم , عندما يشعر الانسان أنه في حاجة للفهم والعلم لما يصبو له من السلام و الاتقان والأمان في أدق مشاكله اليومية , ولكن روح اللباقة لا تمحي ضرورة الجرأة في طرح كل ما هو جديد على الساحة الفلسطينية من مدخولات ثقافية, واجتماعية , وسياسية على المعنى التعبيري , لكنها لا تستوي و السياسة في الأسلوب و المنهج ..
الاعتقاد باهتراء النضال الشعبي هو سائد ما بين الصفوف الفلسطينية , و إن أنكر البعض , ولكن لا أحد منا إلا و يراهن أنه اهتراء لا يصل حد الانتهاء و الاختفاء ... ولادة كيان مستقل فلسطينيا من ناحية الادارة المستقلة للامورالحياتية لكافة الشعب في أولى مراحل استقلاله , بالشكل الطبيعي قد يولد من النزاعات والفوضى الكثير والكثير .. حالات التفجر و التفريغ قد تكون مرحلة طبيعية في بدايات استقلالية أي من الشعوب , ولكن التغلب على استمرار التفجر , وممارسة أساليب الامتصاص و المعالجة الصحيحة هي مسؤولية الحكماء فيما بيننا قد يعتلون الصفوف الاولى , وقد ينتشرون فيما بيننا دون أن يعلم بوجودهم أحد , ولكنهم يملكون من الحكمة ما يكفي للصعود قدما في الحالة الفلسطينية , وليس العودة إلى ما كنا عليه ....
قد يكرر الدكتور صائب عريقات ترديد جملة ان يعود الوضع إلى ماهو عليه عام 2000ما قبل انتفاضة الاقصى في حال مطالبة الاسرائيليين بالقيام بالتزاماتهم نحو الفلسطينيين , وقد تطالب قيادة فتح بكوادرها المتباينة حماس بالعودة بالوضع الداخلي الفلسطيني إلى ما قبل الانقلاب العكسري , وقد نعتبره الانفصال السياسي الجديد ... مطالبة العودة أصبحت هي الفعل السياسي المنتظر من الخصم السياسي والعسكري !!!! إلى أن يعود كل من اسرائيل و حماس إلى ما تطالب به حركة فتح , و السلطة الفلسطينية التي اعتاد البعض على مناداتها بسلطة رام الله وهذا فعل مشين على المستوى اللفظوي للوضع السياسي الفلسطيني , و منظمة التحرير الفلسطينية التي أيضا يعتبرها البعض لم تعد تمثل كل الفلسطينيين .. و أي مطالبة بالتعديل هي مقبولة و صحيحة ولكن لا يجب أن تتعدى ما نملكه من حق الاحترام والحفاظ على ما نملك هذا إن كان من واجب الاعتبار للأدبيات في التجديد ..
علينا التمحيص ولو قليلا هل التكتيك المتبع في المطالبة للعودة هو صحيح , هو يحرج الخصم و ذلك يتضح للجميع , هو يضغط , هو يرسم التكتيك للخصم دون أن يستطيع المخالفة إلا في حالة المماطلة , من ناحية أخرى قد ترفض كل دعوة للمطالبة , وترسم ظروف ومتغيرات عدة تؤهل الوضع السياسي الشاذ في غزة و الضفة للاستمرار قدما في تقزيم المسميات السياسية التي نطالب عدونا بالرضوخ لها تفاوضيا , ربما عنصر المفاجأة لطلب حالة جديدة هو ما قد يكون محط أنظار الكثير من السياسيين و المهتمين , حالة تجمع الانفصال السياسي ما بين الوضع الداخلي و الاختلال التفاوضي مع الطرف الخارجي اي مع الاسرائليين , وبه قد نجمع المؤثرات المختلفة اقليميا ودوليا و محليا ...
ربما علينا أن نخلق مسميات جديدة تعبر عن حالنا الداخلي بكافة عناصره , ومعادلات جديدة توزن الوضع التفاوضي مع العدو الاسرائيلي , مع افتقار القدرة على التحديد و التجديد قد تعوم الامور كثيرا الى حد الفيضان الذي لا يحسر , ومما يغرق كل المعنويات وكل الممكن والامكانيات لفرض حل شامل يحفر رؤيته في جيل شاب يكبر تحت ضياع المسمى , وجيل شاخ و بقي في عقله الكثير عن ما كان يسمى بالنضال العربي الفلسطيني .
إشعار الفلسطيني بحالة التأهب الدائمة نحو الشعار المرفوع قد يكون بالمقاومة المسلحة أو التفاوض السلمي أو الكفاح الشعبي يحتاج إلى دراسة الأدوات مليا وجديا .. ماذا نملك , وماذا نحتاج , وفي هذا الوقت ما الأنسب للقيام بتدبيره ... وهل صمت في غزة يوازيه تفجير في الضفة مع دراسة امكانية انحسار أي تفجير في الضفة في الشكل الذي آلت إليه غزة و لكن مع وجود عدة كنتونات كما هي غزة المحررة .. هل يكلف ذلك العدو الاسرائيلي اكثر مما يحتمل ... أم استمرارية خلق حالة موازية لما في غزة من صمت حذر باموال منقسمة ما بين الوجهتين هي حالة مواتية لرأسي القيادة في غزة والضفة .. وما حال تطور الحالة الفلسطينية في اراضي 48 , وما امكانية اندماج الثقافات الثلاث عبر جفاء السنوات القادمة المتعاقبة .. وما سيولد ذلك من شوق حذر و أحقاد دفينة .. وما دور التوقيت المناسب تحت إدراج وضع التحالفات الاقليمية والدولية كعامل في رسم حالة التأهب المناسبة للشعار المرفوع المناسب ... إن قاتلنا أين سنكون ما بعد القتال .. هل سنبقى في حالة استنزاف مستمر في أرض وقف لا حياة لها و لا استقرار .. أم نتقدم كما الكثير في حال ليس بالكافي للتعريف بالاستقلال المنشود ولكن امكانية خلق كينونة تملأ الفراغ الوطني المستتر تحت اللاسلم واللاحرب إلى حين ..
مدينة القدس قد ينظر لها كما هي دولة مدينة الفاتيكان في قلب روما في ايطاليا .. بعيدا عن النزاعات السياسية هي مستقلة , وهي مركز روحي , و لا لغة رسمية تعبرعنها , و إنما هي الصبغة الروحية في التعبير عن وضع الانسان .. هل تنحصر اللغة وتعم الأخلاق .. ولكن القرآن في اصله عربي , و التوراة , و الانجيل كل له لغته , فما اللغة الحق في الفصل , هل هي لغة التعبير , أم لغة الروح , ام لغة السياسة, و على الصعيد السياسي ما الحق في احتلال العدو الاسرائيلي لأراضي 67 , لو استثنينا القدس من هذه الاراضي ووضع لها الحل المناسب , الجلاء الكامل عن باقي هذه الاراضي بكاملها هو الحل الممكن أو بالمبادلة العادلة بالكم والنوع مما أرخه التاريخ في اعتقادنا بأرض فلسطين التاريخية .. وما يسمى بالتاريخ الحديث باسرائيل .. كل هذه الأطروحات هي لا ترضي الشارع الفلسطيني , و لكن اللغة الفلسطينية في ثورتها لا تؤمن إلا بلغة السلام وعقد الزيتون على عنق حمامة لا تقوى على اشتمام رائحة الموت تعم أرض المقدسات حولها ..
نيروز قرموط