رؤى
عدد المساهمات : 92 تاريخ التسجيل : 14/08/2010
| موضوع: السلفية المعاصرة فى الإسلام والمسيحية 17/10/10, 04:08 pm | |
| السلفية المعاصرة فى الإسلام والمسيحية محمد عبد الفتاح السرورىالسلفية المعاصرة فى الإسلام والمسيحية قراءة فى محددات الخطاب[/size] [b] [/b] السؤال هل هناك ثمة فارق يذكر بين المكونات الاولية التى تتكون منها العقلية الدينية العامة لدى عموم المسلمين والمسيحيين فى الشرق ؟ وليكن طرح السؤال بصيغة أخرى ألا يعد (النص ) هو المحدد الأساسى الذى يوجه مسار التفكير وردود الأفعال تجاه ما يستجد من من أحداث وما يتطلبه الواقع من تغيرات على الرغم من أنه يبدو ظاهرا للعيان ان كلا من الطرفين يدعى التعاطى مع الواقع بصورة أكثر فاعلية من الآخر وليكن طرحنا لهذه الإشكالية بصورة ثالثة واخيرة فى صيغة إستفهامية منطوقها يتلخص فى أليس للخطاب السلفى اليد الطولى فى تكوين الذهنية العامة لدى الغالبية من شعوب الشرق من المعلوم أن هناك دائما ثمة شد وجذب بين أنصار المدرسة النصية التقليدية وبين مؤيدى مدرسة الواقعية الفقهية أو ما يسمى (تاريخية النص) وتتفاوت عملية الشد والجذب هذه كلما إستجد ظرف يستدعى رأيا فقهيا (إسلاميا كان أو مسيحيا) وليس المعنى المقصود هنا هو ما يسمى بحوار الأديان وحجة كل طرف أمام الطرف الآخر ولكن غاية المبتغى مما نقول هو ما يستجد على الواقع المعاش لدى الطرفين ويستلزم الرأى الدينى فيما يخص أتباع كل ديانه على حدة وبشىء من التوضيح -مع الإيجاز- نستعرض السمات العامة لكل مدرسه من المدرستين على حدة حتى يتسنى لنا إيصال ما نبغى قوله للمتلقى فى يسر غير متكلف -- إن السمة الأساسية التى تتسم بها المدرسة التقليدية هى يقينها الراسخ بديمومه النص فمن الثابت تراثيا أن لكل نص سبب من اسباب نزولة فيما يعرف فى التراث الإسلامى (بأسباب النزول ) والامر لا يختلف كثيرا فى النصوص والأسفار الإنجيليه فهى الأخرى وبدورها قيلت فى ظل ظروف وقتية إستدعت التفوه بها ثم تدوينها بعد ذلك من قبل المدونين الذين تولوا هذا الأمر وليست أسباب النزول وظروف كتابة النصوص المقدسة محل حديثنا ولكن مقامنا الآن هو الحديث ان أنصار هذه المدرسة قد إتخذو من النص المنزل فى ظل ظروف معينة ولأسباب محددة - ومعروفة للدارسين- إتخذوا منها منهاجا ثابتا للتعامل مع الواقع ومن هنا ظهرت الإشكاليه التى لم يجد أنصار هذه المدرسه لها حلا حتى الآن وهذه الإشكالية تتجلى فى أن النص قد ثبت بحكم التدوين وبحكم رحيل من كان لهم القدرة على تفسيرمعانيه تفسيرا قد يجاوز منطوقه المفهوم لدى العامة وهذا الثبات أصبح يتعارض مع طبيعة الواقع والذى بحكم تكوينة يتميز بالصيرورة الدائمة ةالتغير المستمر نظرا لإتساع الحياة عما كانت عليه إبان نزول النص وتدوينه ومن ثم صار الصدام حتميا بين بين منطوق النص الثابت من ناحية وبين مقتضيات الواقع من ناحية أخرى فالنص ثابت كما ذكرنا والواقع نتغير وليس هذا فحسب بل إن هذا الواقع قد أضحى من الإتساع والتعقيد يتعدى بمراحل الواقع البسيط الذى كان موجود فى فترة نزول النص القرآنى أو التدوين الإنجيلى أما المرسة الثانية فهى مدرسة (تاريخية النص ) وهى المرسة التى تنادى بالتعامل -التاريخانى - مع النصوص المقدسة وحصر هذه النصوص فى أسباب نزولها وعدم التجاوز عن طبيعة العقلية الغالبة لدى المتلقين لها آنذاك ومراعاة طبيعة ومحددات الواقع المعاش أثناء فترات التنزيل والتدوين وتكمن إشكالية هذه المدرسة فى ان هناك عداء واضح من عموم المشتغلين بالفكر الأسلامى والمسيحى تجاه هذه المدرسة بل وأيضا من غالبية الأشخاص العاديين مما كان لهم حظ فى الثقافة والتحصيل الدينى وليس هذا فحسب بل وايضا من المثقفين - فى الجانبين على الرغم من ان هؤلاء المثقفين طالما نادوا بضرورة التحديث والتطوير وترك الجمود ولكن على ما يبدو أن كل هذه المطالبات مشروطة بعدم التعارض مع منطوق النصوص المقدسة لدى كل طرف على حدة ولكى لا يكون كلامنا مرسلا على عواهنه نسوق ما نبغى طرحة وما نريد الوصول اليه فى شواهد الواقع المعاش والذى لا يختلف عليه إثنان ولا يتناطح فيه عنزان كما يقول المثل لقد كانت دائما (حجية النص ) هى الدفع الذى يدفع به أصحاب المدرسة التقليدية فى وجه من يتحدثون ب(حجية الواقع ) وكانت حجية النص هذه هى نفسها تمثل حجة فى يد الطرف المعارض حيث أن الطرف المعارض كان يعتبرها بمثابة حجة ضد وليس مع ذلك أن الواقع يقذف يوميا بما يستدعى تعاملا جديدا مع النصوص ولكن هيهات حتى حدث ما حدث مؤخرا من الازمة المعروفة والتى نحن فى غنى عن الخوض في تفاصيلها تلك الازمة التى تخص الحكم القضائى الذى أصدرته إحدى المحاكم والذى بمقتضاه أصبح من حق المطلق المسيحى أن يتزوج مرة أخرى ليس الحكم وحيثياته هو ما يعنينا ولكن ما يهمنا فى هذا المقام هنا هو ان ذلك الحكم قد كشف العوار الذى نتحدث عنه والخاص بسيادة حجية النص على حجية الواقع ومتطلباته وظهت فجأة نفس الشخصيات ونفس الالسنة وذات الاقلام والتى طالما صدعت رؤسنا بضرورة وحتمية الدولة المدنية والتى طالما صفقت وحيت المطالبين بضرورة إحياء فكرة المجتمع المدنى فإذا بنفس هذه الشخوص ترتد على عقبيها وتعلنها صراحة أنها لا ترغب ولا تستطيع مخالفة (النص) ولا تقبل تجاوز منطوقه وهنا نصل لنقطة اللقيا وبلوغ مرامنا هنا يتضح وبما لا يدع مجالا للشك أن المشكلية التراثية العتيدة والقديمة فى التعامل مع النصوص لا تخص المشتغلين بالفقه الإسلامى فقط بل إنها أيضا موجودة ومتجذرة فى فكر وضمير أساطين رجال الدين المسيحى ونستطيع أن نقول وبكل ثقة أن هذا الموقف من الأحكام القضائية قد جمع أصحاب المدرسة النصية من الديانتين فى مواجهه أنصار المدرسة الواقعية ولم تصبح المشكله -كالعادة- هى فى كيفية التوافق بين الاديان فيما يعرف بحوار الأديان المختلفة بل أضحت المشكلة فى أنها أصبحت فى كيفية العمل على إيجاد نقاط لقاء مشترك بين أنصار المدرستين فى كلا من الديانتين اى ان الهدف المبتغى هو فى كيفية الوصول لحالة حوار بين المدارس الدينية وليس بين الاديان ككل لا يتجزأ ومن المفارقات الطريفة ان إحدى الصحف الناطقة بلسان حال المدرسة (النصية) قد قامت بتأبين الدكتور الراحل نصر حامد أبوزيد على إعتبار أنه مفكر قدير وعالم جليل نذر جل عمرة فى تأصيل مدرسة التأويل ومحاولة التعامل الواقعى مع النصوص رغم أن هذه الصحيفة هى نفسها تبنت وبحدة أراء المدرسه التراثية التقليدية ودافعت عن موقف الكنيسة فيما يخص النصوص الإنجيلية التى لا يجب مخالفتها وذلك فى الحكم القضائى السابق ذكره فبأى منطق وبأى عقل يمكن فهم ما يحدث على الساحه الفكرية العامة إذا كان التناقض والإزدواجية هى اساس التعامل !! وعلى الجانب الآخر فإن الواقع ما فتئ يطرح يوميا العديد من الإشكاليات الحياتية التى تستلزم مرونه فقهية أو إجتهادات جديدة لأحكام قديمة راسخة ظل التعامل بها سنون طوال مما يستلزم طرح رؤى مختلفة حتى تيسر على الحائرين وترشدهم الى سواء السبيل مثل تلك القضايا المتعلقة باحكام الطلاق الغيابى على سبيل المثال ونعود للسؤال المفتتح هل هناك ثمة فارق يذكر بين مكونات العقلية الدينية لدى الشرقيين بصفة عامه على إختلاف دياناتهم أليست العقلية الدينية الشرقية تتركب من نفس المكونات مع إختلاف المرجعيات؟ ألا يعد الخطاب السلفى هو الخطاب المفضل لدى الجميع وإلابماذا نفسر إذن هذه القابلية الهائلة لدى معتنقى الديانتين لكل من يسير على نفس الدرب ويحاول الطيران خارج السرب؟ إن التفكير الماضوى أصبح له اليد الطولى فى ذهنية وفكر وفقه عموم الجميع وأصبح الماضى هو الأمل وهو الذى ينبغى السعى اليه بلا كلل أو هوادة وصار هو النموذج الذى يحتذى به دون الأخذ فى الإعتبار أن هذا الماضى لم يكن منبت الصلة عن قوانين تلك المرحلة والتى تغيرت معالمها مع مرور الأيام وتقادم الزمان وان الثبات على التمسك بالتفسير الحرفى لكثير من النصوص يعد ضربا من ضروب الهرب من مواجهه الواقع مما يؤدى فى النهاية الى أن يصبح هذا الواقع أقوى بالدرجة التى لايمكننا التغلب عليه بل سوف يتغلب هوعلى معايشيه بحكم المنطق السوى و تتجلى المأساه عندما ينبرى نفر من وهبهم الله نعمة الإستنارة بالتطوع ودون إنتظار عطية من هذا أو ذاك بتبيان ما يحتاجه المجتمع من قوانيين وتشريعات جديدة تتماشى مع متطلبات العصر المتجدد فإذا بنفر آخرين ممن وهبهم الله نعمة -الفضائيات- بالتصدى لهذه المقترحات والأفكار وكأن قائليها من نبت الشيطان وليس من نبت هذا المجتمعات المكلومة والسؤال الأهم لماذا إذن يطالب البعض بإعلاء العقلانية والواقعية الفقهية وهم أول المتنصلين من هذه المطالبات إذا تعارضت مع ما به يؤمنون من نصوص !! إن عموم المسلمين الذين يتفاخرون احيانا بما اعطت لهم الشريعة من حق التطليق وإعنبار هذا الحق من قبيل التعاطى الحداثى الدائم مع الواقع والحياة إنما يخادعون انفسهم لأنهم يعلمون جيدا أنه لو كانت هناك نص يمنع هذا الحق لما نالوه هم بحكم إنتمائهم لمدرسة حرفية النصوص وأن المسيحيين الذين يتباهون بان عقيدتهم لا تكره أحد على الثبات عليها ولا تطارد المرتدين هنها بأحكام دينية إنما هم أيضا وبدورهم يخدعون أنفسهم لأنهم يعلمون جيدا أنه لو كان هناك نص إنجيلى يعطى الحق بمطاردة المتحولين من المسيحية الى دين آخر ما ترددوا فى المطالبة بتنفيذه والوقوف على مقتضيات حرفياته بحذافيره فالقضية إذن لدى الطرفين واحدة والعقلية المشتركة بينهما بينه وواضحة والمرجعية لديهما هى النص وحجية النص لها قصب السبق عند هؤلاء وهؤلاء والموضوع بأكمله لا علاقة له من قريب أو من بعيد بالواقع وظروفه ولا يخضعون جميعا لفكرة الإجتهاد هذا الإجتهاد الذى تركناه جميعا وإرتضينا بالركون الى الموروث الآمن إن المتابع للشأن الدينى العام فى عموم البلدان العربية يرى ان محددات الخطاب الدينى واحدة لدى الجميع فمقوله مثل (لا إجتهاد فى نص) على الرغم من ان لها خصوصية ونسب إسلامى إلا ان رجال الدين المسيحى لم يجدوا اى غضاضة فى أن يتقولوا بها ضد من جرأ وطالب بضرورة مراعاة الواقع فيما يخص الاحوال الشخصية لدى المسيحيين للأسف لقد كنا نظن أننا فقط على خلاف مع السلفيه الإسلامية وخطابها ذو المضمون الماضوى لفظا وفكرا لكننا فوجئنا كما فوجئ غيرنا أن هذا الجطاب السلفى قد طال ألفاظ وعبارات المتحدثين دينيا فى كل الاديان وأصبحوا هم بدورهم يتفوهون به دون خوف من لوم او عتاب إن دل هذا على شئ إنما يدل أن إشكالية التراث والمعاصرة لا تخص فقط الموروث الإسلامى كما كان يظن البعض بل ان الشاهد انها إشكالية تخص الآحر ايضا والذى أصبح يتعامل مع مع الواقع بنفس الآليات ويتخاطب بنفس العبارات ويستخدم نفس الالفاظ التى يستخدمها المخالف له فى الديانة والموافق له فى الفكر والمنطلق | |
|